أخبار غزة

ارتفاع معدلات الانتحار والاضطرابات النفسية بين جنود الجيش الإسرائيلي بعد الحرب في غزة ولبنان

في تطور مقلق يعكس التحديات النفسية العميقة التي يواجهها الجنود الإسرائيليون عقب فترات طويلة من القتال، لقي ما لا يقل عن ستة جنود من الجيش الإسرائيلي حتفهم منتحرين خلال الأشهر القليلة الماضية. هذه الإحصائية، رغم أنها جزئية، تسلط الضوء على أزمة متنامية داخل الجيش. ومع ذلك، لا يزال الجيش الإسرائيلي يرفض الإفصاح عن العدد الكامل للجنود الذين أقدموا على الانتحار أو حاولوا ذلك، مما يثير تساؤلات حول مدى تعمق المشكلة ومدى استعداد القيادة لمواجهتها بشفافية.

تعهد بنشر البيانات قريبًا

أعلنت قيادة الجيش الإسرائيلي أن الإحصاءات الكاملة ستُنشر الشهر المقبل، في محاولة لتقديم صورة شاملة حول الوضع. ولكن حتى ذلك الحين، تبقى الحقائق مبهمة بالنسبة للجمهور. يقول محللون نفسيون وخبراء عسكريون إن التأثير الحقيقي لهذه الأزمة لن يظهر إلا بعد انتهاء القتال بشكل كبير واستعادة الهدوء النسبي.

زيادة كبيرة في طلب المساعدة النفسية

تشير تقارير حديثة إلى تزايد أعداد الجنود الذين يطلبون الدعم النفسي في الأسابيع الأخيرة. هؤلاء الجنود والقادة، الذين خاضوا معارك طويلة وشهدوا أهوال الحرب، يعانون من صدمات عميقة. فقد شاهدوا زملاءهم يُقتلون ويُصابون بجروح بالغة، وعايشوا مشاهد الدمار والموت التي تركت بصمة نفسية يصعب محوها.

اضطرابات ما بعد الصدمة: ظاهرة متصاعدة

بحسب تقديرات كبار المسؤولين في الجيش، من المتوقع أن يصل عدد الجنود المصابين بإعاقات نتيجة الحرب إلى حوالي 20 ألف شخص. ما يثير القلق بشكل خاص هو أن ثلث هؤلاء سيعانون من اضطرابات نفسية طويلة الأمد، تشمل اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، والاكتئاب، والقلق. هذه الحالات لا تؤثر فقط على حياة الجنود أنفسهم، ولكنها تمتد إلى أسرهم ومجتمعاتهم، ما يجعل هذه الأزمة قضية اجتماعية ووطنية بامتياز.

تأثير القتال في غزة ولبنان

شارك آلاف الجنود الإسرائيليين في العمليات العسكرية الأخيرة في غزة ولبنان، حيث واجهوا تحديات هائلة. تعرضوا لانفجارات القنابل وطلقات الرصاص، وشهدوا تدمير المنازل والبنية التحتية، وعانوا من استنزاف نفسي وجسدي غير مسبوق. مثل هذه التجارب غالبًا ما تترك آثارًا طويلة الأمد، خاصة عندما تترافق مع شعور بالعجز أو الذنب تجاه ما عاشوه أو ما كان عليهم فعله.

الحاجة إلى تدخل عاجل

يدعو خبراء الصحة النفسية وعلماء الاجتماع إلى اتخاذ خطوات فورية لمعالجة الأزمة. تشمل هذه الخطوات تعزيز برامج الدعم النفسي داخل الجيش، وتوفير بيئة آمنة للجنود للتحدث عن مشاعرهم وتجاربهم دون خوف من وصمة العار. كما أن نشر البيانات بشكل شفاف قد يساعد في كسر حاجز الصمت، ويفتح المجال لمناقشات أوسع حول تأثير الحرب على الصحة النفسية.

انعكاسات على المدى البعيد

يتوقع أن تظل تداعيات هذه الأزمة النفسية حاضرة لعقود. فمع تزايد عدد الجنود الذين يعانون من اضطرابات نفسية، قد تواجه إسرائيل تحديات اجتماعية واقتصادية خطيرة، بما في ذلك زيادة الطلب على خدمات الصحة النفسية، وارتفاع معدلات البطالة بين الجنود السابقين، وتفاقم مشاعر الاستياء والانعزال داخل صفوف الجيش والمجتمع.

استنتاج

تشير هذه التطورات إلى أن الحروب لا تترك أثرها فقط على الجبهات، بل تمتد إلى عمق الأرواح والعقول. مع استمرار الكشف عن الإحصاءات وتفاقم الأزمة النفسية بين الجنود، سيصبح من الضروري أن تتخذ إسرائيل خطوات جدية لمعالجة الأسباب والجذور التي تؤدي إلى هذا الوضع المتفاقم. بدون ذلك، قد تصبح هذه الأزمة قنبلة موقوتة تهدد استقرار الجيش والمجتمع على حد سواء.

زر الذهاب إلى الأعلى